الإقتصاد التشاركي: نموذج عمل أم استراتيجية توسع؟

دار نقاش مع الفاضل محمد الصبيح حول الإقتصاد التشاركي، ومدى جدواه الإقتصادية. شخصياً بعد دراستي لعدد من الشركات التي تعتمد عليه، كنت مؤمن بأن تحقق الجدوى المالية من الإقتصاد التشاركي يلزمها بناء نموذج مستدام، بمعنى أن الإقتصاد التشاركي بحد ذاته ليس نموذج مستدام، ولكنه استراتيجية توسع سريع، يلزم صاحب المشروع تغييرها وقت وصوله للحجم المطلوب. من خلال النقاش اتضح لي أني هناك جانب كبير لا يزال مجهولاً لدي، فبدأت البحث حول الموضوع وفي هذا السلسلة من المقالات سألخص أهم ما وجدته من معلومات. يتوجب التنوية أن الإقتصاد التشاركي هو علم جديد لا يزال تحت التشكيل والتغيير، والأبحاث حوله لا تزال محدودة.

ما هو الإقتصاد التشاركي وكيف بدأ؟

كانت عملية المشاركة ولا زالت بديلة لعملية البيع، منذ طفولتنا وقبل أن نعرف الإنترنت تعودنا على استعارة الكتب، والأفلام، وألعاب الفيديو. وكذلك فعل آباؤنا وأمهاتنا وأجدادنا قبلهم، استعاروا قدور الطبخ، أدوات الحراثة والصيد وغيرها. الهدف من عملية المشاركة تلك كانت زيادة الفعالية، جارك لديه آلة أو شيء غير مستخدم بفعالية، وأنت لديك احتياج لإستخدام ذلك الشيء، بدل شراءه ويصبح في حيكم آلتين لا تستخدم بفعالية، يصبح لديكم آلة تستخدم بفعالية أكبر. وبالتالي قد يصبح لديك وفر مالي من العملية، تستخدمه لشراء آلة اخرى يحتاجها جارك، وهكذا.

يمكن تلخيص الأسباب التي يتشارك الناس من أجلها بأربعة أسباب: إجتماعية (تكوين علاقات جديدة أو المحافظة على حالية)، إقتصادية (توفير المال)، عملية (تقليص الوقت، تحسين النتائج)، وأخيراً الإستدامه (المحافظة على البيئة). وهذه الأسباب مهم تذكرها عند التفكير في نموذج العمل الخاص بمشروع قائم على الإقتصاد التشاركي.

مصطلح الإقتصاد التشاركي (Sharing Economy) بدأ بالظهور في بداية الإلفية، متأثراً بالركود الإقتصادي في سنة 2008م، والحاجة لتلبية تنامي الطلب وانخفاض الموارد. ومنها أشتق مفهوم الإستهلاك التعاوني (Collaborative Consumption) والذي صنفته مجلة تايم كأحد عشرة أفكار ستغير العالم.

إقتصاد تشاركي أم إقتصاد دلالة؟

لاحظنا أن عملية التشارك تقوم على طرفين شخص يملك غرض، وآخر يرغب في استخدامه. الرابط الذي يجمع الطرفين في الأساس هو المعرفة الشخصية، ولكن في حالات وللوصول إلى شريحة أكبر وأوسع يحتاج الطرفين إلى طرف ثالث وهو الدلال أو المسوق. الهارفرد بزنس ريفيو بنسختها الإنجليزية نشرت مقالاً عنوانه “الإقتصاد التشاركي لا يدور حول المشاركة على الإطلاق” (The Sharing Economy isn’t about Sharing at all). كاتب المقال يدعي بأن الشركات القائمة على الإقتصاد الحالي هي في الواقع تقوم بإقتصاد الدلالة أو الوصول (Access Economy)، كون العملية في الواقع ليست مشاركة بين أطراف بينهم سابق معرفة، ولكنها تربط بين مقدم خدمة ومستخدم لها، والشركة الرابطة في الواقع تأخذ بدل (عمولة) على عملية الربط تلك.

بالتالي ولو رجعنا للأسباب الأربعة للمشاركة، يمكن القول بأنه وفي إقتصاد الدلالة، يبرز عنصرين أساسين، وهما: الإقتصادية والعملية. فالعميل حين يدفع مبلغاً مالياً للوسيط، هو يبحث عن خدمة إقتصادية وعملية في الوقت ذاته. في أوبر مثلاً، معظم العملاء لا يطلبون السائق للتعرف عليه مثلاً، بل مستخدم الخدمة فلا يستطيع إعادة طلب مقدم خدمة جيد في المستقبل. مقال الهارفرد بزنس ريفيو يضيف أن استيعاب هذه النقطة هو أحد أسباب تفوق أوبر على لفت في الولايات المتحدة. اوبر تستخدم مصطلح (أفضل، أسرع، وأرخص من التاكسي)، بينما لفت تستخدم (نحن أصدقائك ومعنا سيارة).

الربحية في إقتصاد الدلالة

شركات الربط تتنافس فيما بينها على صعيد، وعلى الصعيد الآخر تتنافس مع الشركات التقليدية الموجودة على أرض الواقع. نطاق التنافس فيما بينها يكون في ضبط العرض والطلب بجلب أكبر عدد من المستخدمين ومقدمي الخدمات. ومع الشركات التقليدية بضبط التكاليف وتوفير وصول وأسعار أفضل.

كما لاحظنا أن عملية التبادل التي تحصل في إقتصاد الدلالة مكونة من ثلاثة أطراف، مقدم الخدمة، المستخدم، والجهة الرابطة. لتنجح الجهة الرابطة في مهمة الربط، يتوجب عليها ضمان معايير الجودة، وتقديمها بسعر منافس للمستخدم مع الحصول على نسبة جيدة كعمولة. معظم تكلفة الإلتزام بمعايير جودة الخدمة تقع على مقدم الخدمة. مثلاً نظافة السيارة وصيانة المنزل، شحن البضاعة، أو التأمين. والذي ونظراً لأنه لا يملك قوة في المفاوضة كما هو الحال لدى الشركات الكبيرة، سيضطر للقيام بها حسب تكلفة السوق للمستهلك النهائي، وهي أعلى. بعض المشاريع التشاركية تظهر وكأنها تعمل بفعالية ليس لأنها كذلك، ولكن لأن التكاليف الفعلية لا تسجل (فوربس). وحسب ماتذكره الإندبندت أن جزء من هذا التكاليف هو في الواقع ناتج عن عدم وقوع الخدمات المقدمة ضمن نطاق الرسوم والضرائب والتنظيمات التجارية، والتي لا بد وأن يلحقها التنظيم في المستقبل.

نقطة القوة التي تمتلكها شركات الربط مقابل الشركات التقليدية هو الوصول. شركات الربط تستخدم التقنية لربط مستخدم الخدمة بكفاءة وفعالية عالية. كما وأن تواجدها على نطاق جغرافي كبير، يعطي علامتها التجارية قوة تفوق الشركات التقليدية التي قد لا تعرف إلا على نطاق جغرافي محدود. ولكن عند النظر إلى تكلفة العمليات فإن هدف الشركات الكبيرة هو المحافظة على نسب إشغال عالية، متوافقة مع خطط الإستثمار. أي أنه وبمجرد الوصول إلى نقطة التعادل (Break-even point) فإن الشركة الكبيرة تستطيع خفض الأسعار لمستويات متدنية جداً، قد لا تستطيع شركات الربط الوصول إليها. خصوصاً وأنه وكما ذكر مسبقاً، شركات الربط التي توظف الإقتصاد التشاركي لا تعمل بكفاءة عالية، وأنها في الوقت ذاته عبارة عن شريحة تكلفة إضافية في السوق.

بالتالي يمكن القول بأن أحد الإستراتيجيات التنافسية الأساسية لشركات الربط، توظيف نموذجي تكلفة للقدرة على التنافس. في الأسواق ذات الطلب العالي والتي بطبيعة الحال يتواجد فيها عدد كبير من الشركات الكبيرة، يتم تبني بناء شراكات مع الشركات الكبيرة، بحيث تكون شركة الربط وسيط لتلك الشركات التي تعمل بكفاءة. أما في المناطق التي لا يتواجد فيها طلب عالى، فيتم استخدام نموذج توظيف الأفراد قليلي الكفاءة. بطبيعة الحال ونظراً لإنخفاض التكلفة التشغيلية فإن الشركات الكبيرة يمكنها النزول بالأسعار المعروضة لمستويات يستحيل معها للأفراد المنافسة.

الإقتصاد التشاركي نموذج عمل أم استراتيجية توسع؟

الناس تتشارك لأربعة أسباب رئيسية: اجتماعية، اقتصادية، عملية، وللاستدامة. في إقتصاد الدلالة يتم التركيز على عنصرين هما: الإقتصادية والعملية.بالتالي يمكن القول بأن ما يطلق عليه الإقتصاد التشاركي في الغالب هو إقتصاد دلالة، يقوم على الربط بين مقدم خدمة ومستخدم لها مقابل عمولة. ولكون المشاركة قرين لقلة الكفاءة، فإن الأفراد يميلون للبدء في دخول كمقدمي خدمات في منصات الإقتصاد التشاركي، رغبة منهم في رفع كفاءة أوقاتهم أو خدماتهم. نسبة من تكاليف العمليات لا تسجل، وبالتالي لا يمكن قياسها. أو لم تفرضها الحكومات على شركات الإقتصاد التشاركي. نقطة القوة الرئيسية لشركات الربط هو الوصول وقدرتها على تشكيل سوق فيه عرض وطلب بشكل صحي. مع نمو شركات الإقتصاد التشاركي، سيكون عليها تحسين هيكلة التكاليف المتعلقة بالخدمات المقدمة لرفع مستوى الربحية والقدرة على المنافسة، وهذا الأمر بطبيعة الحال سيدفع بالجهات ذات معدلات الكفاءة المنخفضة للخروج (الأفراد)، وبقاء الجهات ذات الكفاءة العالية (الشركات).

(الصورة)

 

التجارة الإلكترونية في الخليج: مرحلة مابعد استحواذ أمازون على سوق.كوم

إلحاقاً بمقال (وقفات مع استحواذ أمازون على سوق.كوم) والذي نشرته قبل أيام، وإجابة على التساؤلات التي  وردتني مباشرة أو اطلعت عليها في مقالات تناقش خبر الإستحواذ وتأثيره على المنطقة (أحدها: عبدالله باجري في عالم التقنية)، سأحاول في هذا المقال استقراء المستقبل القريب فيما يتعلق بقطاع التجارة الإلكترونية. آمل ممن لديه رأي سواء بالمخالفة أو الإتفاق التعقيب على الموضوع، فالقصد أولاً وآخراً الصالح العام.

قطاع التجزئة التقليدي:

خلال العشرين سنة الماضية مر قطاع التجزئة في منطقة السعودية بمرحلتين انتقاليتين. المرحلة الأولى كانت في بداية الألفية، وفيها بدأ نجم محلات الهايبر بالظهور، كمكتبة جرير، إكسترا، ساكو، وبندة. ودعوني استذكر معكم ما الذي تغير حينها. مثلاً لشراء أجهزة المنزل (غسالة، نشافة، ثلاجة، مكيف، تلفزيون) كان المشتري يضطر لزيارة عدة محلات في مناطق مختلفة من المدينة، لمقارنة الأسعار، ثم الإتفاق مع كل محل على حده. إذا كان محظوظاً فإن المحلات ستوفر له خدمة التوصيل والتركيب، وإلا فعليه البحث عن ناقل ومقدم لخدمة التركيب. الأمر سيان مع شراء الأدوات المكتبية والقرطاسية، وكذلك لمستلزمات المنزل من الأطعمة والمنظفات.

جاءت الهايبر لحل هذه الإشكالية من خلال توفير كل شيء في مكان واحد. آلية عمل هذه المحلات معقدة، وتعتمد بشكل كبير على الفعالية في إدارة رأس المال وضبط دورة النقد. بدون الدخول في التفاصيل، يتم افتتاح الهايبر في موقع رخيص (لبعده عن مركز المدينة، لإستثماره لفترات طويله، أو لكونه جزء من عقار مملوك لصاحب الهايبر). في الغالب لا يملك صاحب الهايبر معظم البضاعة المعروضة، بل تكون على التصريف أو معروضة حسب اتفاقية مشابهة. يحصل الهايبر على عمولة مباشرة من بيع البضائع، رسوم على العقد كإضافة الأصناف أو تعديل الأسعار، ورسوم تسويقية كتلك المرتبطة بمكان عرض البضائع أو الإعلان عنها في المنشورات التسويقية، وأيضاً رسوم للخدمات المقدمة للعميل كالتوصيل والتركيب. بالإضافة لما سبق، ولكون عملية شراء تلك البضائع يكون نقداً وسدادها حسب معظم العقود والتي في الغالب تكون خلال فترات ثابتة (كل 30 أو 60 يوم أو أكثر) يتمتع الهايبر بتدفق نقدي موجب. أي أنها تحصل قيمة البضائع المباعة اليوم نقداً، وتستحق للسداد بعد شهر أو شهرين.

بالتالي كان لإفتتاح محلات الهايبر التأثيرات التالية:

  • أصحاب الوكالات والمستوردين الكبار استفادوا من خلال تقليص تكلفة التوسع وافتتاح فروع ومستودعات في المناطق للوصول للعملاء، واكتفوا بمعارض ومستودعات رئيسية للبيع الجملة وأما معظم بيع تجزئة فكان من خلال محلات الهايبر. أيضاً، ولأن الهايبر تخدم عامة الزبائن، أصبحت طلباتها من الوكالات مركزة على البضائع التي تخدم تلك الشريحة، وبالتالي أصبح الوصول إلى البضائع المتخصصة أصعب.
  • أصحاب المحلات الصغيرة والموزعين تقلصت الحاجة لهم، وأغلق من كان بيع التجزئة مصدره الرئيسي للدخل خصوصاً الواقعين في المدن الرئيسية (التي تتواجد فيها محلات الهايبر). إلا بالطبع من تخصص في خدمة شريحة محددة من العملاء (مثلاً، محلات الزامل للقرطاسية في المنطقة الشرقية توفر أدوات لمحترفي الأشغال اليدوية لا تجدها في جرير).
  • عامة الزبائن استفادوا من الراحة في تلبية كافة الإحتياجات من مكان واحد، والمقارنة بين الأسعار، والتوفير في بعض الأحيان. أما الزبائن المتطلبين فقدوا التنوع والوصول إلى الخدمات أو المنتجات المتخصصة التي كان بإمكانهم الوصول لها مسبقاً.

تمتع أصحاب الهايبر بتوسع سريع وضخم خلال العشر سنوات الأولى. حتى غزت الإنترنت والتجارة الإلكترونية العالم والمنطقة، وبدأ شكل التجارة يتغير! أو بمعنى آخر طفرة الهايبر بدأت بالإنحدار. الإشكالية أن الهايبر لم يتعاملوا بالشكل الصحيح مع الإنحدار وواصلو التوسع الأمر الذي انعكس في النهاية على مداخيل الشركات.

التجارة الإلكترونية:

لاحظنا أن قطاع الهايبر حل مشكلة توزع المنتجات والوصول إليها. ولكن النموذج ككل مبني على الفعالية وسرعة حركة المنتج. بالتالي كما وضح مسبقاً، تضرر من هذا النموذج العملاء المتطلبين، الذين يرغبون بنوع القهوة الذي لا يشربه هم وخمسة غيرهم في المدينة، أو خلاط العجين النصف احترافي. في النهاية الهايبر توفر البضائع التي يطلبها عامة الناس، والتي في الغالب لن تجلس على الرف لمدة شهر حتى يأتي زبون واحد لشراءها.

التجارة الإلكترونية حلت هذه المشكلة بحيث جعلت الوصول للمنتجات المتخصصة أسهل كون هذه المنتجات تستهدف شريحة أوسع (بدل استهداف عملاء من حي واحد، أصبح المستهدف عملاء من مدينة، منطقة أو حتى دولة.. أو العالم). ولكن التجارة الإلكترونية ليست على مستوى واحد بل على عدة مستويات، وسأوضح أدناه كل مستوى والمميزات التي يتمتع بها:

  1. الهواة، هذه الشريحة هي شريحة التجار تحت الإعداد. لديهم هواية أو شغف، أو معرفة بشيء ما. ونظراً لإطلاعهم ومعرفتهم أو علاقتهم فإنهم يستطيعون الوصول إلى منتجات يصعب على غيرهم الوصول إليها أو يصعب الحصول عليها بسعر منافس. يقومون بإستخدام الإنترنت لطلب كميات بسيطة، أو بناء على طلب مسبق من عميل عبر الإنترنت، بالتالي تكون تكاليف التخزين، التالف، والتنفيذ قليلة جداً. أضف إلى ذلك أنهم وكونهم هواة قد لا يدفعون رسوم تسجيل شركة، إستئجار موقع، أو تعيين موظفين. لذلك على هذا المستوى يتمكنون من منافسة الوكلاء والمحلات التقليدية. وفي الغالب هؤلاء لا يملكون سوق مستقل بل يستخدمون منصات بيع عامة كحراج، سوق.كوم، إنستقرام.
  2. المحترفين، هؤلاء تجار تجزئة لديهم مستودعات واقعية ولكنهم يستخدمون الإنترنت كقناة بيع رئيسية. عملية البيع لديهم مستمرة، ولأنهم يعملون تحت اسم تجاري، العلاقة مع العملاء جداً مهمة وأساسية. بالتالي يفقد هؤلاء المرونة التي يتمتع بها الهواة، فهم على خط منافسة دائم مع الأسواق الإلكترونية والأسواق التقليدية. لديهم مصاريف للمستودعات والتخزين، الشحن، التسويق، علاقات العملاء، التالف وغيرها. طبعاً الإنترنت وفرت لهم وصول لشريحة أكبر وبالتالي يمكنهم الإستفادة من اقتصاد السعة (Economies of scale). بمعنى أن التاجر التقليدي يحتاج لمستودع ومحل في كل من الدمام، الرياض وجدة ليغطي تلك المدن، بينما التاجر الإلكتروني من خلال موقع الكتروني ومستودع واحد يتمكن من تغطية الخليج كله.

ماسبق يبدو جميلاً، ولكن هناك معضلة. المشكلة الأساسية في نموذج التجارة الإلكترونية أن مع دخول العميل لبحر التسوق عبر الإنترنت، لا يحده المكان وتصبح أمامه خيارات متعددة جداً. في الغالب (وحسب المنتج) ما يحكم هو: السعر، جودة المنتج، سرعة التنفيذ، تقييم العملاء، سهولة عملية الإستبدال، مكافأة الولاء، وسهولة التصفح وإتمام عملية الشراء. بالتالي وعلى الرغم من أن التاجر الإلكتروني وفر بعض مصاريف التاجر التقليدي، إلا أن هناك قائمة من المصاريف الجديدة التي يتوجب انفاقها لتحقيق التميز. لاحظ أن السعر، الجودة، السرعة يمكن للهواة تغطيتها، بينما بقية النقاط تحتاج لإستثمار هائل لبناءها والمحافظة عليها، مع الأخذ بالإعتبار أنها سمة أساسية للتجار التقليديين. وهذه برأيي مشكلة التجارة الإلكترونية للمحترفين. تحتاج لأن يكون حجمك كبير ليصبح الإستثمار في تطوير متطلبات العملاء مجدياً.

عالم ما بعد إستحواذ أمازون وإطلاق نون!

بداية من الضروري معرفة القاعدة التي ينطلق منها كل من أمازون ونون. أمازون تنطلق من خبرتها في السوق العالمي ووجود بنى تحتية قوية، بإعتقادي أنها ومن خلال استحواذها على سوق.كوم فإنها قد حصلت على: بيانات ومعلومات جيدة عن السوق من خلال سوق.كوم وبايفورت، وشبكة توزيع لوجستيه. شخصياً لا أتوقع دخولها قريباً بإسم أمازون الشرق الأوسط، ولكنها ستترك سوق.كوم تعمل كما هي لتكمل دراسة السوق والحركة القادمة لنون. ولكن قد تقرر استباق دخول نون، بالتالي سيكون أمامها عدة إشكاليات سبق ذكرها في مقالي السابق (تحسين الخدمة، وضمان التخلص من التقليد والبضاعة الرديئة)، وهذا قد يتطلب التركيز وإقفال بعض أقسام سوق.كوم كالبقالة.

في المقابل، نون إلى الآن لم يطلق ولكن حسب التصريحات المتداولة أنه سيدخل للمنافسة بشكل رئيسي في قطاع الملبوسات والإكسسورات، وسينافس على مستوى عالمي. إن صحت هذه الأخبار، ففي إعتقادي أنها خطوة في الطريق الصحيح. أمازون تتميز في قطاعات عديدة ولكن الملبوسات ليس أحدها (رأي). ولا شك سواء أكانت المنافسة مع سوق.كوم أو مع أمازون مباشرة، فإن نون ستبدأ السباق متأخرة، وسيكون عليها التركيز والتركيز والتركيز على منطلق القوة الخاص بها. والإستثمار بشكل رئيسي في تحسين الخدمة وجودة الموقع، وخدمة العملاء. أما إضافة الأصناف الأخرى (المنتجات التقنية، الأجهزة الكهربائية وغيرها) فيكون من خلال الإستحواذ، أو الإستثمار المبكر لمنع سوق.كوم/أمازون من الوصول إليهم.

بالنسبة لأصحاب المشاريع، فإنه من المهم التخصص، أعتقد أن الواقع يقول بأن الحرب على تسيد سوق الشرق الأوسط قد تحدد أطرافها، ولا مساحة لطرف ثالث حالياً. ولكن يبقى أن مساحة للأسلحة التي تستخدم في تلك الحرب وهي الأسواق الإلكترونية المتخصصة. شخصياً لا أراهن على سوق الملابس أو الأجهزة الكهربائية، ولكن أي سوق متخصص آخر يخدم شريحة حجمها جيد على مستوى الشرق الأوسط أتوقع أنه سيكون هدف للإستحواذ من أحد الطرفين (رأي). أيضاً شركات خدمات الدعم على الأرض المتخصصة أيضاً قد تكون هدف سواء للإستحواذ أو للشراكات.

أما بالنسبة لمحلات الهايبر، فالمتوقع بعد أن يصحوا من الغفلة، أن يبدأوا بتقليص تواجدهم على الأرض، وتضخيم تواجدهم في الإنترنت وذلك بالإستحواذ على أذرع/شركات تقنية تعمل بأسماء مختلفة (لتفادي مشكلة اختلاف الأسعار والعروض) ليخترقوا سوق الإنترنت ويستفيدوا من الميزات المتوفرة لديهم في الشركة الأم. وهذا ما حصل مع والمارت في الولايات المتحدة.

هذا رأيي والذي أعتقد أنه مبكر ومتحمس بعض الشيء، أتوقع أن تتضح الأمور خلال الست أشهر القادمة مع إطلاق نون، وإتضاح خطوة أمازون مع سوق.كوم القادمة.

(الصورة البارزة)

وقفات مع استحواذ أمازون على سوق.كوم

تصدر اليوم خبر استحواذ أمازون على سوق.كوم الصفحات الرئيسية للمواقع الإخبارية والتقنية. كيف لا، وسوق.كوم هي البكر والطفل المدلل للمشاريع التقنية العربية. فهي أول مشروع عربي يقيم بمليار دولار (فبراير 2016، Techcrunch)، وها هي ذي تترك بصمتها بأحد أكبر الإستحواذات في المنطقة. في هذا المقال سأحاول تلخيص أهم المراحل التي مرت بها سوق.كوم ثم سأسرد إستقرائي ورأيي حول هذه الصفقة. مع ملاحظة بأن التقرير سيعتمد على المعلومات المنشورة في المصادر الموثوقة وبالتالي قد تغيب بعض تفاصيل القصة، ولعلي أعود لاحقاً للإضافة متى ما تكشفت لنا المزيد من الأمور.

البداية من مكتوب وياهو!

مع توسع استخدام الإنترنت في المنطقة العربية، تأسست مكتوب في سنة 1998م في عمّان، الأردن كأول مقدم خدمة للبريد الإلكتروني باللغة العربية وأيضاً ونظراً لكون العديد من الأجهزة في تلك الفترة لا تدعم العربية، قدمت مكتوب لوحة المفاتيح العربية الإفتراضية. مكنت هذه اللوحة المستخدمين العرب استخدام الإنترنت والكتابة بالعربية دون الحاجة لتعريب الكمبيوتر. كما وطورت الشركة خلال العقد الأول من عمرها عدة منتجات شهيرة منها: تحدي، كاش يو، وسوق.كوم.

في يونيو 2005م استحوذت أبراج كابيتل على 40% من مكتوب (وكالة أنباء الإمارات) مقابل ما يقدر بأربعة ملايين دولار (ويكيبيديا). ثم وفي نهاية ديسمبر 2007م باعت حصتها إلى تايغر قلوبال مانجمنت (عربيان بزنس) بقيمة غير معلنة، ولكن التوقعات أنها بين 5 و 7 مليون دولار.

لاحقاً وفي سنة 2009م تم الإستحواذ على مكتوب من قبل ياهو بقيمة 164 مليون دولار (CIMA). وشمل الإستحواذ بريد مكتوب، واقسام مكتوب المتعلقة بالمحتوى (مكتوب الرياضة، مكتوب التدوين، أصحاب مكتوب وغيرها)، واستثني من الإستحواذ بعض الأقسام أو الشركات من مكتوب والتي تحولت لاحقاً إلى مجموعة جبّار، شملت هذه المجموعة الجديدة: سوق.كوم تأسست 2005م، كاش يو تأسست 2002م، لعبة تحدي تأسست 2008م، أيكو تأسست 2005م، ومحرك البحث عربي تأسس 2006م (ستارتب أب أرابيا). الجدير بالذكر بأن استحواذ ياهو استثنى معظم الفريق الإداري عملية الإستحواذ وبالتالي انتقل الفريق وكان على رأسهم سميح طوقان، رونالدو مشحور والمستثمر تايغر قلوبال مانجمنت إلى شركة جبّار.

الجدير بالذكر أنه وقبل استحواذ ياهو، مكتوب كانت تسمى “ياهو الشرق الأوسط” (كتاب Innovation in emerging markets). تلك الصفقة كانت أحد أول الصفقات العربية والتي ألهمت الكثير من رواد الأعمال العرب لبناء المشاريع طمعاً في بيعها على كبرى الشركات العالمية. ولكن البعض يرى أن ياهو لم تستفيد من الزيارات التي حصلت عليها من مكتوب لأن مصدر معظمها كان من المنتديات، والتي قامت قوقل بتعديل خوارزميتها لتفاديها نظراً لتكرار المحتوى وقلة مستواه. أيضاً يعتبر البعض أن عملية الإستحواذ كانت مجاملة سياسية أكثر من كونها عملية تجارية (أرب كرنش). في سنة 2015 قررت ياهو إيقاف عملياتها في منطقة الشرق الأوسط و إغلاق مكاتبها، ولكن لا يزال موقع مكتوب متاحاً للزوار (ويكيبديا).

دورة حياة سوق.كوم!

تحت إدارة مجموعة جبّار، إنطلقت سوق.كوم في سنة 2009م لتغزو منطقة الخليج ومصر وتوثق إسمها خلال الثمان سنوات القادمة لتكون أكبر سوق إلكتروني عربي، وتسوق لنفسها كـ “أمازون الشرق الأوسط”. أهم المراحل التي مرت بها سوق.كوم قبل الإستحواذ عليها يمكن تلخيصها بالتالي:

  1. إنفصال الشركة عن مكتوب بعد إستحواذ ياهو عليه.
  2. تأسيس سكر ضمن مجموعة جبّار في سنة 2010م وثم إستحواذ سوق.كوم عليه في 2012م. وكانت هذه تمثل الذراع المنافس ل (MarkaVIP).
  3. الإستثمار في (Run2Sport) بقيمة 2.5 مليون دولار (2012 عرب نت) ومن إغلاقه أو دمجه ضمن المجموعة. وكانت هذه الشركة تمثل الذراع الرياضي لسوق.كوم.
  4. إقفال أول جولة استثمارية كسوق.كوم في أكتوبر 2012 (ومضة)، بدخول كل من نابستر لمتيد وتايغر قلوبال مانجمنت والتي كانت مستثمر سابق في مكتوب. تذكر بعض الإشاعات أن قيمة هذه الجولة كان حوالي 40 مليون دولار. أحد أهم أهداف هذه الجولة كان التوسع في السعودية ومصر، وتطوير شبكة الخدمات اللوجستية لتحسين الخدمة (ومضة).
  5. مجموعة جبّار تطلق في يونيو 2013 مشروعها الجديد (باي فورت) منبثق من (كاش يو)، ويحاول معالجة سلبيات الأخير. بالإضافة لجبّار اسثتمر في المشروع مع إطلاقة نابستر وتايغر قلوبال (ومضة). مع الإطلاقة ونظراً لكون المشروع يعتبر شقيق لسوق.كوم، يتخوف الكثير من أصحاب المتاجر الإلكترونية ومنافسي سوق.كوم من تسرب معلوماتهم وبياناتهم للشركة، باي فورت أكدت أنها تتمتع بإدارة مستقلة عن المجموعة. سوق.كوم باعت كاش يو لمستثمرين في ديسمبر 2015.
  6. في مارس 2014م، حصلت سوق.كوم على تمويل إضافي من نابستر لميتد قيمته 75 مليون دولار، على تقييم في حدود 400 مليون دولار (وب رازي). الهدف من هذه الجولة، حسب ماصرح به رونالدو مشحور، سيكون للتطوير التقني والموبايل، واضاف بأن جزء منها سيكون لإستقطاب الكفاءات وتحسين مستوى الخدمة.
  7. إقفال الجولة الإستثمارية الثانية في فبراير 2016م، بقيادة تايغر قلوبال ومشاركة: نابستر، ستاندر شارتيد، بيلي قيفورد وعدد من المستثمرين الآخرين (تيك كرنش). إجمالي قيمة الجولة كان 275 مليون دولار، وكانت بعض التقارير تشير بأن تقييم الشركة بلغ المليار دولار. أهداف الجولة كما ذكرها المؤسس، بأنها ستكون للتوسع من خلال إضافة أصناف منتجات جديدة، تطوير شبكة التوزيع اللوجستية، التطوير التقني وتوظيف الكفاءات.
  8. بعد إقفال الجولة الإستثمارية السابقة بأربعة أشهر وفي مقابلة مع رونالدو (عربيان بزنس)، تحدث عن الأهداف المستقبلية لسوق.كوم وكانت تتلخص في استهدافه لطرح الشركة في سوق المال، خلال سنتين، وذلك بعد إقفاله لجولة استثمارية بحجم جيد.
  9. سوق.كوم تستثمر في (ونق) تطبيق للمقارنة بين أسعار شركات الشحن في الإمارات (انتربنور اغسطس 2016).
  10. نبستر وتايغر يبدون رغبتهم ببيع جزء من حصتهم في سوق.كوم والتي تقدر ب 30%، وكما اتضح لاحقاً بأنه تم تعيين قولدمان ساكس لإيجاد المستثمر (ارابيان بزنس سبتمر 2016).
  11. سوق.كوم تستثمر في (انستاشوب) تطبيق لبيع منتجات البقالة في دبي (انتربنور اكتوبر 2016).
  12. 3 نوفمبر 2016، أمازون تعلن عن اهتمامها لشراء حصة في سوق.كوم (بلومبرغ).
  13. 13 نوفمبر 2016، رئيس مجلس إدارة إعمار محمد العبّار يعلن عن موعد إطلاق منصة نون في بداية يناير 2017. ليدخل في منافسة مباشرة مع سوق.كوم بميزانية قدرها مليار دولار سيساهم في صندوق الإستثمارات العامة السعودي بنسبة 50% (تيك فيو).
  14. 14 نوفمبر 2016، سوق.كوم تدخل قطاع منتجات البقالة (تيك فيو).
  15. أمازون تعلن ايقاف المفاوضات والإنسحاب من صفقة شراء 30% بتقييم المليار دولار لسوق.كوم في 18 يناير 2017 (أرابيان بزنس).
  16. سوق.كوم تعلن عن إتفاقية مع حكومة الإمارات للتشجيع على القراءة وإطلاق منصة لبيع الكتب ضمن سوق تحتوي على أكثر من 6 ملايين كتاب (أربيان بزنس 3 مارس 2017).
  17. بلومبرق تنشر مقالة تزعم بأنه ووفقاً لمصادرها الخاصة، أمازون تعاود المفاوضة للإستحواذ على سوق.كوم بقيمة 650 مليون دولار (9 مارس 2017).
  18. 26 مارس 2017م إعمار تتقدم بعرض لشراء سوق.كوم بقيمة 800 مليون دولار (بلومبرق).
  19. 28 مارس 2017م عدة مصادر تؤكد على وصول أمازون وسوق.كوم لإتفاق دون إفصاح للقيمة والتي يتوقع بأنها تتراوح بين 580 و 750 مليون دولار (تيك كرنش، فينتشر بيت).

من الرابح في هذه الصفقة؟

يتضح من التسلسل الزمني بأن العرض في البداية كان أن تشتري أمازون حصة 30% بما يقيم الشركة بمبلغ مليار دولار، وهذا هو التقييم الذي حدد في الجولة الإستثمارية الأخيرة. أي أن أمازون كانت تتفاوض لشراء 30% من الشركة بقيمة 300 مليون دولار تقريباً، ولكنها انتهت بشراء 100% بقيمة تتراوح بين 580 و 750 مليون دولار. وهذا تخفيض ممتاز على العرض. ولكن ماذا عن القيمة الفعلية للشركة؟ خلال عمر سوق.كوم تم ضخ مبالغ نقدية مباشرة قيمتها 390 مليون دولار، بدون أخذ القيمة الأساسية التي نقلت للشركة بعد انفصالها عن مكتوب، وبدون الأخذ بالإعتبار القيمة الزمنية للنقد، وبدون أخذ السمعة والمكانة في السوق، تكون الشركة قد حققت بين 1.49 و 1.92 مضاعف. وهو رقم منخفض جداً للمشاريع الناشئة.

طبعاً ونظراً لدخول نون على خط المنافسة، فإن سوق.كوم أصبحت في موقف أصعب مما سبق. خصوصاً ومع توسع عمليات سوق.كوم ودخولها في مجالات متعددة يجعل من عملية ضبط العمليات وتحسين جودة الخدمة عملية صعبة جداً. على عكس نون التي ستبدأ ولديها سجل واضح بالأخطاء والمشاكل المتوقعة التي بالإمكان تصميم النظام مبكراً لتفاديها. التخارج في هذه المرحلة كان صعباً جداً، ولكن قدرة الفريق على إدارة العملية والتخارج بشكل مشرف يحسب لهم.

ما الذي سيتغير، أتوقع أن لا يتغير شي في القريب، أمازون ستبقي على سوق.كوم كما هي مع الإنتظار لحين إطلاق نون. وبناءاً على مستوى خدمات نون وتأثيره على مبيعات سوق.كوم ستحدد أمازون الخطوة القادمة. شخصياً كنت أتمنى لو كان سوق.كوم مملوكاً لمستثمرين محليين، ويبقى هو منصة منافسة لأمازون أو غيرها من المنصات العالمية التي تحاول اختراق السوق الخليجي والمصري.

أتوقع أنه كما عانت ياهو سابقاً في المنتديات فإن أمازون أيضاً ستعاني في إدارة بضائع العارضين لمنع المقلد منها.

وماذا بعد!

تجربة سوق.كوم تجربة فريدة ومهمة، فبداية هي تشكل نقلة نوعية حراك ريادة الأعمال والمشاريع التقنية. على الرغم من وجود عدة قصص تخارج رائعة كمكتوب، وطلبات، وهنقرستيشن. إلا أني أؤمن بأن الدروس التي يمكن استخلاصها من هذه التجربة تفوق تلك بمراحل عديدة. سأحاول تلخيص أهم ما لدي الآن ولعلي أعود لاحقاً للإضافة، وبكل تأكيد سأسعد بالإطلاع على تعليقاتكم سواء الموافقة، المعارضة، أو التي تلخص فوائد لم اسجلها.

  1. أهمية التشبيك وبناء العلاقات للمدى البعيد. سوق.كوم استفادت كثيراً من علاقاتها مع أرامكس والعكس كذلك. أيضاً لا ننسى الدور الرئيسي الذي لعبه المستثمر الرئيسي لسوق.كوم تايغر، الذي واصل العمل مع سوق.كوم بعد تخارجه من مكتوب، حتى أوصله لإستحواذ أمازون.
  2. الحس التجاري أهم من البحث عن الكمال. لي تجارب شخصية أو للأقرباء مع سوق.كوم قديمة وجديدة، لا استطيع القول عنها بأنها جيدة. طبعاً الأمور في تحس دائم، وبعض المشاكل خارج نطاق سيطرة سوق.كوم مثل الدفعات، أو الشحن، أو البضائع التي تشترى من البائعين المستقلين. ولكن الدرس هنا أنه في حالات كثيرة تحديد احتياج العميل والإنطلاق لتفيذ العمل مع التعديل والتصحيح والتحسين المستمر، أفضل من الإنتظار.
  3. عندما تصل شركتك لمرحلة من النضوج، قد يكون الأفضل التوسع من خلال الإستثمار في مشاريع ناشئة أو الإستحواذ عليها، بدل محاولة بناءها من الصفر ضمن المنظومة.
  4. الإفصاح عن المعلومات الداخلية للشركة من خلال الحديث مع الإعلام عنصر مساعد ومهم، ولكن من المهم التعامل معه بذكاء وحسب الحاجة. فكلما افصحت عن معلومات أقل كلما كان لديك حماية ضد الانكشاف للمنافسين.
  5. كما أن البدء بالوقت الصحيح مهم حتى وإن لم يبلغ المنتج حد الكمال، فإن التوقف في الوقت الصحيح أيضاً مهم حتى وإن لم يتم تحقيق كافة الأهداف.
  6. اخيراً، مع دخول اكتمال الثلاثي: أمازون، نون، سوق.كوم. أتوقع أن سوق منصات البيع في المنطقة اصبح مكتضاً خصوصاً لو أخذنا في الحسبان نمشي ووادي. بالتالي قد لا يكون من الملائم التفكير في الدخول ومنافستهم. لكن مع وجود هؤلاء اللاعبين الكبار، أتوقع أن منصات البيع المتخصصة ستنتعش وستكون فرصة ممتازة لبناءها ومن ثم التخارج من خلال بيعها على أحدهم.

كل التوفيق لفريق سوق.كوم، وبإنتظار مغامرتهم القادمة.

مراحل حياة المشروع الصغير

المشروع كأي مخلوق حي، خلال حياته يمر بمراحل متعددة. كل مرحلة لها خصائص مميزة، احتياجات خاصة ومخاطر مهددة. معرفة تلك الاحتياجات والمخاطر يساعد صاحب المشروع الصغير على تنمية مشروعه بشكل سريع، وتفادي أية أخطاء شائعة يقع فيها رواد الأعمال. هناك الكثير من الكتابات التي تحاول تقنين مراحل حياة المشروع (Business Life Cycle)، وأحد تلك المصادر التي وضعت دورة حياة المشروع في صياغة مبسطة وواضحة، هي تلك التي كتب عنها شارلز قيلكي في كتابه دورة حياة المشاريع الصغيرة. وفي هذا المقال سألخص لك رؤية شارلز.

دورة حياة المشاريع الصغيرة:

يؤمن شارلز أن المشروع يمر بخمس مراحل أساسية. يبدأ المشروع كفكرة، ثم يولد على أرض الواقع في المرحلة الثانية. ويواصل النمو من تلك المرحلة إلى المرحلة الخامسة. فترة بقاء مشروع في مرحلة، أو نهاية حياة المشروع تختلف من مشروع لآخر. هناك مشاريع تموت قبل أن تولد، ومشاريع تبقى لسنوات وربما طوال حياتها في مرحلة واحدة، وأخرى تنطلق كالصاروخ فتقطع كافة المراحل خلال سنة واحدة. مايهم صاحب المشروع، أولاً، معرفة المرحلة التي يعايشها مشروعه. وتحديد التحديات التي تواجه المشروع في تلك المرحلة وكيفية التعامل معها للإنتقال للمرحلة التالية.

المراحل الخمس في حياة المشروع الصغير:

دورة حياة المشروع الصغير

المرحلة الأولى، الأمل:

  • تعريف: صاحب المشروع لا يزال يعيش الحلم، الأمل والفكرة. لا يزال يفكر مثلاً، في ترك وظيفته، أو مشروعه السابق، للإنتقال للمشروع الصغير الجديد.
  • التحدي: الأفكار كثيرة، ومتنوعة ولا تدري أيهم الأفضل والتي تستحق البدء. والإقدام على المخاطرة بترك الإستقرار الذي توفره لك وظيفتك أو مشروعك الحالي، قرار صعب ومصيري. ويبقى أن فكرتك قد لا تنجح وتحقق المأمول.
  • القوة: لديك الأمل ولديك الحماس والطاقة لبدء شيء جديد، وفوق هذا كله أي إنجاز يعد نجاحاً في ميزانك.
  • تجاوز المرحلة:
    1. ابحث عن شغفك، ابحث عن المشروع الذي يتطلب مهارات أنت جيد فيها بالطبيعة، والبيئة التي يعمل فيها الناس الذين تسعد وتستمتع بالعمل حولهم.
    2. ابحث عن المشاكل أو المعضلات التي تمتلك القدرة على إدارتها وحلها.
    3. حدد مشكلة أو معضلة واحدة وأوجد حلولاً لها.
  • الإنتقال للمرحلة التالية: ستتجاوز المرحلة للمرحلة التالية عندما تعثر على فكرة، ترى جدوى تطبيقها وتؤمن بقدرتك على تطبيقها، ثم تباشر بإفتتاح مشروعك.

المرحلة الثانية، البداية:

  • تعريف: بعد تفكيرك العميق ومفاضلة المشاريع، بدأت العمل على مشروعك الجديد. في هذه المرحلة أنت مشغول ببناء السوق لمنتجاتك أو خدماتك. وفي المقابل هناك بعض التجاوب من العملاء. وفي الواقع أنت لا تدري ما الذي ستعمله وستقدمه تحديداً حتى الآن.
  • التحدي: هناك الكثير من الأمور الصغيرة التي يتوجب عليك انجازها. قد يتوجب عليك العمل على بعضها ثم إعادة العمل مرة أخرى للتصحيح والتعديل. السوق المستهدف غير واضح ومشتت. وفي الغالب ستقلل في تقييمك لما تقدمه.
  • القوة: لديك الكثير من الحماس والطاقة لفكرتك، ستغمرك السعادة مع كل نجاح ولو كان بسيط. حجمك لا يزال صغيراً، بالتالي خسارتك أو فشلك ستكون صعبة في هذه المرحلة.
  • تجاوز المرحلة:
    1. تخصص في مجال (منتج) واحد، وقدمه بأفضل طريقة وجودة ممكنة في السوق. لا تشتت نفسك محاولاً إرضاء كل العملاء. أبحث عن المنتج الذي يخدم شريحة كافية، وأتقن عملك فيه بحيث تصبح الأفضل أو من ضمن الأفضل في ذلك المجال.
    2. جرب، افشل وأعد الكرة. ركز على اتقان العمل وتحسين أدائك، ولكن لا يكون ذلك على حساب ربحيتك المادية ومنافستك في السوق.
    3. تأكد من أن دعايتك وتسويقك تركز على مجالك الذي اخترته.
  • الإنتقال للمرحلة التالية: مع تحقيقك للنجاح الكبير الأول بعثورك على حل (منتج) مرضي لطلب السوق أصبحت أحد مقدمي الحلول. سيبدأ مشروعك بالنمو.

المرحلة الثالثة، النمو:

  • تعريف: دخولك هذه المرحلة أشبه بركوبك للصاروخ، مشروعك يكبر، ولديك طلبات من السوق والعملاء في تزايد. أنت تغرق في السعادة. المشكلة في أنك لا يمكنك أن تبقى على ظهر الصاروخ للأبد.
  • التحدي: ركوب الصاروخ صعب، لديك الكثير من الأفكار والتحسينات، وأنت لم تصل لهدفك بعد.
  • القوة: ركوب الصاروخ ممتع، هناك الكثير من الإحتمالات، وكل الأضوء عليك.
  • تجاوز المرحلة:
    1. إضافة خدمات أو تحسينات إضافية على منتجاتك أو خدماتك.
    2. ابقاء تركيزك على تخصصك أو منتجك (الوحيد).
    3. البقاء على ظهر الصاروخ من خلال مواجهة والتركيز على العملاء.
  • الإنتقال للمرحلة التالية: يحدث الإنتقال للمرحلة التالية في اللحظة التي يتجاوز فيها طلب السوق، طاقتك الإستيعابية على الإنتاج.

المرحلة الرابعة، الإمتحان:

  • تعريف: في هذه المرحلة أنت تعايش الضغط الممتع، جدول أعمالك ممتلئ وأنت كالمحرك الذي يعمل بطاقته القصوى. ولكن لا يزال هناك طلبات أنت غير قادر على توفيرها. في هذه المرحلة أنت لا تحتاج لتطوير منتجاتك بقدر احتياجك لترتيب مشروعك، فرق العمل، نفسك، آليات العمل وغيرها.
  • التحدي: أنت منهك، مشروعك يقف على قواعد غير ثابتة، وينقصه بعض الآليات والخدمات الداعمة. الناس تراقبك وتسجل تعثراتك.
  • القوة: أنت أكبر الصغار، تعمل من منزلك أو مكتبك الصغير، أنت رائد أعمال، وأنت تعرف احتياجات السوق.
  • تجاوز المرحلة:
    1. ابدأ العمل على محرك مشروعك: بسط العمليات، قلل من التدخل البشري الغير ضروري، وتكدس المعلومات الغير ضروري.
    2. راجع ربحيتك، استراتيجيتك، واستدامة مشروعك.
    3. ابحث عن فرص الربح الإضافية من أعمالك وخدماتك الحالية. أي اعد النظر في مصادر الدخل لإستحلاب الخدمات وعصرها للحصول على ربح إضافي.
  • الإنتقال للمرحلة التالية: عندما يشتد ظهر مشروعك ويقف بكافة الأنظمة الداعمة، آليات العمل، القوى العاملة، لخدمة هدف واستراتيجية واضحة، ستنتقل للمرحلة التالية.

المرحلة الخامسة، الإبحار:

  • تعريف: بعد أن عرفت الأمور المقيدة لمشروعك، وأوجدت حلولاً لها، أنت الآن تبحر بالسرعة القصوى للأمام. المشكلة هنا أنك تتحرك بسرعة كبيرة، ولكن تغيير خط السير سيكون بطيئاً. لا تستطيع تتغير أي شيء بدون خلق ارتباك للناس والمشاريع من حولك.
  • التحدي: يجب أن تغير طريقة تفكيرك من قيادة الصاروخ للإبحار، أو من التفكير اللحظي للتفكير بعيد المدى. لديك الكثير لتخسره، وربما تشتتكك الفرص الجديدة التي تبدوا لامعة.
  • القوة: مشروعك أصبح محرك مزيت ويعمل بشكل رائع، لديك قوة في السوق، لديك المال. والأرباح ستصبح إهتمامك الثاني بعد أن تصبح رؤية مشروعك الهدف الأول الذي تسعى له.
  • تجاوز المرحلة:
    1. توسع بذكاء.
    2. احرص على تجريد اللاعبين الأساسين في فريقك من قوتهم عليك. على سبيل المثال، لو كان مشروعك مطعم يجب أن لا تكون الوصفة السرية موجودة فقط في عقل كبير الطباخين.
    3. احذر من الركض وراء الفرص الجديدة اللامعة. واخلق نظام لتصيدها.
  • الإنتقال للمرحلة التالية: أنت في هذه المرحلة طالما لم تقرر بنفسك أو تلبية لإحتياج السوق تغير أو تقديم خدمة جديدة. حينها ستعود للمرحلة الأولى. خبرتك ستساعدك ولكن لا تجعلها تخدعك وتصيبك بالغرور. فالسوق والعملاء يتغيرون وأنت بحاجة للتصرف كالمبتدئ للتعلم والتأكد من صحة مسارك.

حرب الأسعار: مايسترو ودومينوز!

في الأسابيع الماضية، تكرر على مسمعي وعبر شبكات التواصل، عرض دومينوز بيتزا والذي كان بتخفيض أسعار البيتزا الصغيرة والوسط والكبيرة إلى ١٠، ٢٠، ٣٠ ريال، وذلك لمطابقة أسعار بيتزا مايسترو. بيتزا مايسترو وهي حسب ما ذكر لي، مشروع سعودي وليس فرانشايز. البعض عد تعديل دومينوز انتصاراً لمايسترو في جولة من حرب الأسعار. حرب الأسعار ليست حادثة جديدة فهناك حوادث في السعودية والعالم لحروب وقعت وانتهت وأخرى لا تزال رحاها تدور. في هذا المقال سأحاول مناقشة مفهوم حرب الأسعار وسأطرح رأيي في حادثة مايسترو ودومينوز.

التعريف بحرب الأسعار:

في الإقتصاد يطلق مصطلح (حرب الأسعار – Price War) على الحالة التنافسية العالية التي تكون في أحد قطاعات السوق، والتي يصحبها تخفيض في أسعار مبيعات القطاع. ويتم ذلك عادة بتخفيض أحد قادة السوق للأسعار، ويتبعه المنافسون. والذين قد يقومون بذات الأمر (تخفيض الأسعار) لتواصل الأسعار هبوطها.

حرب الأسعار بحد ذاتها لا تعد مخالفة للقانون، ولكن في الغالب يصاحبها (التسعير الإفتراسي – Predatory Pricing) والذي يقصد به أن يقوم منتج أو مصنع بتحديد أسعار البيع لتكون مساوية لمتوسط التكلفة أو أقل منه الأمر الذي يمنع أو يحد من دخول المنافسين للسوق. وهذا يعد مخالفة لقانون حماية التنافسية. الشركات تقوم بذلك بقصد طرد المنافسين أو منعهم من دخول السوق، بقصد السيطرة ورفع الأسعار مستقبلاً.

تتحارب الشركات بالأسعار بشكل دائم، ولكن معظم هذه الحروب لا تتعدى المناوشات الموسمية. تقرأ هنا عن إعلان تخفيضات لأحد أندية الصحة، وترى بعدها تخفيض مشابه من ناد آخر. وكذلك شركات الإتصالات. ولكن نادراً ما يحصل إنخفاض طويل الأمد أو تثبيت لأسعار بنسب تتجاوز ٤٠ و ٥٠٪، دون مبررات واضحة. فهذا الإنخفاض لابد أن يأتي من مصدر ما، تخفيض في تكلفة المواد، تحديث في تكنولوجيا التصنيع أو غيرها.. أما إن لم يكن هناك مبرر، فهذه ٤٠ أو ٥٠٪ ستأتي من جودة المنتج أو الخدمة، أو من أرباح التاجر.

حروب أسعار شهيرة:

  • في تسعينات القرن الماضي، وقعت حرب بين شركتي التدخين فيليب موريس وبات بقصد السيطرة على سوق السجائر في أمريكا الجنوبية.
  • في مطلع الألفية الجارية، ونظراً للفائض في الإنتاج حسب التقارير الصحفية، وقعت حرب ضروس بين مصنعي الحليب ومشتقاته في السعودية والتي أدت إلى خفض أسعار المنتجات إلى حوالي ٤٠٪.
  • في أستراليا وخلال السنة الماضية، وقعت حرب بين دومينوز بيتزا وبيتزا هت. انتهت برفع الفرانشايزيي المستأجرين لمحلات بيتزا هت قضية ضد بيتزا هت، بسبب تضررهم من حرب الأخيرة مع دومينوز، الأمر الذي جعلهم يخسرون محلاتهم.
  • في السعودية أخيراً، قامت دومينوز بيتزا بتخفيض أسعارها للبيتزا، بعد دخول مايسترو بأسعار جديدة واكتساحه للسوق.

ما الذي يشعل حرب الأسعار؟

يشكل السوق التنافسي او شبه التنافسي، والبضائع أو المنتجات المتشابهة، بيئة خصبة لنشوب حروب الأسعار. المتنافسين يتنافسون لكسب الزبائن ولكون البضائع متشابهة، فأسهل ما يمكن استخدامه هو الأسعار. خصوصاً وأن معظم مدراء المبيعات وقليلي الخبرة يرون في تخفيض الأسعار الحل الأسهل، سواءً كبداية، أو كإجابة لتخفيض منافس لأسعاره. أضف لذلك أن النظرة القاصرة في معرفة التكاليف الفعلية للمنتجات، قد تجعل البائع أو المستثمر جديد يؤمن بأن بعض المنتجات تباع بأسعار مبالغ بها، فيقوم بوضع سعر منخفض جداً مما يشعل الحرب في القطاع.

حرب الأسعار والمستهلك:

للوهلة الأولى وعلى المدى القصير، الرابح الأكبر في هذه الحرب هو المستهلك. فهو يحصل على بضاعة بسعر منافس جداً وذلك على حساب الشركات المتحاربة. والخاسر الأكبر بطبيعة الحال الشركات والمستثمرين فيها.

أما على المدى البعيد، فالصورة تعكس. تربح الشركات الضخمة، ويخسر صغار المستثمرين الغير قادرين على المنافسة وتوزع حصتهم على الشركات المنتصرة. المستهلك قد يخسر أيضاً في حالة خروج صغار المستثمرين وحصر منافسة القطاع بين قلة قليلة تتحكم بالأسعار.

كيفية التعامل مع حرب الأسعار:

في مقال نشر في مجلة هارفرد بزنس ريفو، تم تلخيص طريقة التعامل مع حرب الأسعار في ثلاث آليات:

١. ايقاف الحرب قبل أن تبدأ: كالحروب التقليدية، تفاديها أفضل من دخولها، فلا يوجد ما يضمن تغلب أي طرف على الآخر. مهما تكن قوة أحد الأطراف، وثقته في نفسه، ستكون عناصر مخفية لا ترى في البداية، وقد تكون هي ما يحسم الحرب في النهاية. لتفادي نشوب الحرب، يفترض أن تكون هناك شفافية في السوق، بحيث تكون استراتيجية التسعير واضحة بين المتنافسين. والمتنافسين الذين يتنافسون في قطاع واحد من السوق، من المفترض أن يكونوا في مستوى متقارب من الأسعار. كما أن الإعلان للتخفيضات، والوضوح في كون المنافسة ستكون على جودة المنتج وخدمة ما بعد البيع، ولكنها لن تكون في الأسعار الأصلية للمنتجات. لماذا؟ لأن تخفيض الأسعار دون مبرر واضح يوصل رسالة للمستهلك بأن الجودة في المنتج والخدمة تغيرت. وبالتالي سيكون هناك تغيير في نوعية العملاء وعددهم والمتوقع منهم. وهذا أمر قد يبعد العملاء الأصليين عن المنتج.

مثال: صانع المخبوزات المجمده (سارا لي)، لديها تقنيات ووصفات تجعل من تكاليف التصنيع لا تقارن بالمنافسين، وبالتالي لديها قدرة على تخفيض أسعار البيع المنتجات بنسب عالية جداً، لا يستطيع معها المنافسين التنافس مع (سارا لي). لكنها تؤثر الإبقاء على الأسعار في المستويات العالية وتعويض العملاء بالخدمات، هنا المنافسين يشعرون بالتهديد ويتفادون أية تلاعب بالأسعار لأنهم يعلمون بأنهم لو استثاروا (سارا لي) فإنها قادرة على سحقهم بكل سهولة.

٢. الإجابة بدون تعديل الأسعار: في حالة صدور إعلان للحرب من قبل منافس، فإن التاجر النبيه يستطيع مواجهة الهجمة بدبلوماسية (إن صح التعبير)، دون أن يكون هناك إعلان مضاد ودخول الحرب. كيف ذلك؟ التركيز على الجودة والمحافظة عليها. التأكيد وتثقيف العملاء بأن عدم الإنخفاض مصدره المحافظة على جودة وعدم رغبة البائع ببيع بضاعة سيئة أو ذات جودة أقل مما يستحقه العملاء.

مثال: تأكيد ماكدونالدز الدائم على استخدامها لمواد عضوية وصحية، ودعمها لصغار المزارعين. وهذه تجدونها على كل علبة برجر وفي المطويات بجوار الكاشير. أيضاً، الناقل فيدكس ابقى على أسعاره عالية، ولكنه دائماً ما يوكد ويعد عملائه بأن البضائع ستصل إلى هدفها في الوقت المحدد بكل تأكيد، ودائماً ما يفيون بوعودهم.

٣. الإجابة مع تعديل الإسعار: إن لم يكن هناك بديل لدخول الحرب، فإنه من المفضل أن لا يكون ذلك بمواجهة مباشرة بتعديل الأسعار. فالشركات تستطيع في البداية توفير خصومات، بيع باقة منتجات بسعر مخفض، توفير بطاقات عضوية وإعطاء العملاء مميزات وتخفيضات إضافية، أو توفير منتج إضافي بديل لينافس منتج الشركة المنافسة المخفض، وغيرها من استراتيجيات التسويق. وفقط في حالة عدم إمكانية الإستراتيجيات السابقة، فلا خيار للشركة إلا لدخول الحرب.

مثال: معظم الإستراتيجيات السابقة واضحة والأمثلة عليها كثيرة. قد يكون من المناسب الإشارة إلى مثال قريب عهد ومعظمنا عايشه، وهو يتعلق بإستراتيجية توفير منتج إضافي لينافس في السوق المنافس. وهو ماحدث عندما ضاقت شركة (أبل) من منافسة (سامسونج) لها، كون الأخيرة توفر عدد كبير من الأجهزة بأسعار متفاوته، والمنافس الرئيسي للأيفون كان الجاكسي، والفرق في السعر بينهم يقارب الألف ريال. لو كانت (أبل) ترغب بإشعال الحرب لقامت بتخفيض سعر الأيفون، والذي لو تم لكان من المتواقع أن يقابل بتخفيض من سامسونج.. وهكذا. لكن الذي تم أن أبل قامت بتوفير جهاز أيفون C، والذي لا أعتقد أن تكلفته تختلف كثيراً عن تكلفة الرئيسي. ولكن أبل لا ترغب بإرسال رسالة بأن الأسعار قابلة للتعديل، بل أنها وفرت جهاز أقل جودة حسياً، ومعه نفس خدمات بعد البيع.

كيف كان المفترض أن يتم التصرف؟

في هذه الفقرة سأحاول وضع ما أعتقد بأنه كان التصرف المفترض من قبل مايسترو ورد الفعل من دومينوز بيتزا. ويجب التنوية بأنه لا علاقة لي بأحد الطرفين، ولا يزال الكثير من تفاصيل الموضوع غير واضحة لدي بالتالي قد تكون رؤيتي قاصرة.

مايسترو:

  • قبل افتتاح الفرع الأول، ووقت عمل دراسة الجدوى الإقتصادية، كان من المفترض تحديد وتوقع الموقع الذي سيعمل فيه المشروع والمنافسين. الدخول القوي أشبه بالتلويح بعلم أحمر لثور هائج. وقد يتسبب بإشعال حرب أسعار كما هو حاصل الآن.
  • في السوق التنافسي أأمن طريقة للدخول هي بأخذ سعر السوق، ومحاولة التميز بالجودة والخدمة. وحتى إن كان لدى الشركة ميزة تنافسية تجعل تكاليفها أقل بكثير من المنافسين، لا ينصح بإستثارة المنافسين في حرب اسعار خصوصاً.
  • مايسترو دخلت السوق وقدمت وعود كثيرة، منها وعد ٣٠ دقيقة أو البيتزا مجاناً، خط خدمة العملاء، والتوصيل. دخولها في حرب أسعار، مع وجود هذه الوعود وتوقعات الزبائن العالية جداً، سيكون خطيراً جداً. فما على المنافس إلا الإنتظار لحين كسر أحد هذه الوعود ليستخدمه كعذر لإبقاء أسعاره عالية. ففي النهاية العميل يبحث عن الخدمة، وفي حالة عدم وصولها حسب توقعه، لا يهمه كم دفع وكم كان سيوفر.
  • مع مستوى هذه الأسعار، مايسترو لا يستثير المنافسين في قطاع البيتزا فقط، بل جميع رواد المطاعم السريعة. مثلاً، بدل شرائك لوجبتين لشخصين من ماكدونالدز ب ٣٥ ريال، يمكنك الحصول على بيتزا كبيرة مع مشروب يكفي ثلاثة أشخاص. هذه منافسة غير مباشرة، ولكنها لو استمرت فإنها قد تفتح على مايسترو جبهة أخرى.

دومينوز بيتزا:

  • مع دخول المنافس الجديد، وقرعه لطبول حرب الأسعار، كان من المفترض أن لا ينجر دومينوز للمواجهة. خصوصاً، وأنه بفعله هذا أعطى دعاية مجانية للمنافس. ومع معرفته بأنه فرانشايز من خارج السعودية، فالمفترض أنه يعلم المواجهة مع منافس محلي قد يعني تعاطف شعبي مع المنتج المحلي ضده.
  • تغذية العملاء بمبررات ابقاء الأسعار مرتفعة، مع زيادة عدد أيام العروض والتخفيضات. بالإمكان النزول إلى نفس مستوى أسعار المنافس دون تعديل السعر، على سبيل المثال، تخصيص نوع بيتزا لكل يوم من أيام الأسبوع ليباع ذلك النوع بسعر مخفض جداً.
  • تحسين خدمة التوصيل، وخدمة العملاء. بزيادة التعيينات وإعادة هيكلة طريقة الطلب عبر الهاتف مثلاً.
  • توفير بدائل (منتجات) كما فعلت بيتزا هت، لتباع بسعر مقارب من سعر بيتزا المنافس.

كلمة أخيرة!

صافي أرباح الشركات، يقسم إلى قسمين: الأول يذهب للمالك على هيئة توزيع أرباح، والثاني يعاد إستثماره في المشروع. كلا القسمين مهمين لنمو الشركات وبقاءها. إن لم يكن هناك أرباح موزعه فالمستثمر سيقوم بتسييل مشروع والإستثمار في قطاع آخر. وإن لم يعاد تدوير جزء من الأرباح فإن المشروع سيجفف نفسه، وخلال فترة معينة لن يكون هناك أصول وأملاك في الشركة لتنتج أرباح.

لعدم توفر المعلومات المالية الخاصة بالشركتين، فمن غير الممكن تقدير نسبة صافي الأرباح في قطاع البيتزا وكم يتم توزيعه ويعاد استثماره. ولكني وضعت فرضية أن هناك خلل ما في الأسعار الجديدة، لكون الإنخفاض في حدود ٣٥٪ من سعر البيع. وهذه النسبة عالية جداً، وتعطي مؤشر بأنه من غير المنطقي استمرارها على ذات المستوى. هذا ما لم يكن هناك تغيير جوهري في أسعار المواد المستخدمة في انتاج البيتزا.

تخفيض دومينوز لأسعاره، بغض النظر عن صحة القرار من عدمه، لا تعني خسارته للجولة، ولكنها تعني دخوله لساحة الحرب. المتضرر حالياً، مع افتراض أن دخل مايسترو مناسب له، محلات البيتزا الرخيصة ومحلات المعجنات، الذين سيخسرون زبائنهم نظراً لكون مستويات الأسعار الحالية مساوية إن لم تكن أقل من أسعارهم.

المرحلة الحالية، مصيرية لمايسترو خصوصاً مع قراره التوسع خارج نطاق الرياض وافتتاح فروع في المنطقة الشرقية، والإشاعات حول نيته دخول سوق الغربية. مع هذا القرار ستظهر لإدارة مايسترو مصاريف جديدة، إن لم تكن محتسبة من البداية فإنها ستؤدي لمشاكل في ربحيتهم. من هذه المصاريف مثلاً، مصاريف نقل وتخزين المواد، مصاريف المدراء والمشرفين على المناطق، مصاريف تدريب الموظفين، ومصاريف إدارة الجودة للتأكد بأن البيتزا في الشرقية لن تختلف عن بيتزا الرياض. أيضاً مع زيادة الفروع تأتي زيادة عدد العملاء والذين سيوجبون على الشركة الاسثتمار في مراكز الإتصال وعدد موظفي الكول سنتر.

أتمنى أن أكون مخطئ في توقعاتي، ومايسترو قام باحتساب تكاليفه بشكل صحيح، وأن الأسعار سابقاً فعلاً كانت مبالغ فيها. فما تم أمر جيد، والرابح سيكون أنا وأنت وغيرنا من محبي البيتزا، ولنأمل أن تنتهي حرب الأسعار هذه في أقرب وقت ممكن.

برنامج شراكة من غرفة الشرقية

أحد أكبر التحديات التي تواجه أصحاب المشاريع الصغيرة والمتوسطة، الحاجز الزجاجي بين المشروع والشركات الضخمة. هذا الحاجز قد يكون غير موجود أصلاً أو سبب وجوده عدم معرفة صاحب المشروع بكيفية الوصول للشركات الكبيرة والإشتراطات التي يتوجب على مشروعه تلبيتها ليقبل توريده للخدمات أو المنتجات. فإذا كنت صاحب مشروع في القطاع الصناعي، التجزئة، الخدمات، أو الأعمال الإستشارية، في المملكة العربية السعودية فهذا البرنامج سيختصر عليك الكثير من الجهد والوقت.

برنامج شراكة

البرنامج هو أحد البرامج التي أطلقتها لجنة شباب الأعمال في غرفة تجارة وصناعة الشرقية. وتم تعريفه في الموقع الرسم كالتالي:

برنامج مخصص لربط المشاريع الصغيرة بالشركات الكبيرة من خلال خدمات او منتجات تحتاجها الشركات الكبيرة من خلال المشاريع الصغيرة.

بإعتقادي أنه برنامج شبيه ببرامج التوظيف. وفيه يتم عرض طلبات الشركات الكبيرة، ويستطيع صاحب المشروع الصغير معرفة طلبات واشتراطات الشركة الكبيرة. وبالتالي يتم محاولة سد الإحتياجات وفي حالة وجود عجز في الإشتراطات يستطيع صاحب المشروع الصغير تحديده والعمل على تلبية تلك الإشتراطات.

YCMيمكن الدخول على صفحة البرنامج من خلال الضغط على الصورة

* أتمنى ممن يجرب البرنامج أن يحدثنا عن تجربته ومدى جدواه.


المصدر:

المهندس/ عبدالرحمن المعيبد.

صفحة البرنامج في غرفة الشرقية

عناصر نجاح المشاريع الصغيرة

لو نظرنا للجانب السلبي، عدد كبير من المشاريع الصغيرة تفشل في السنوات الأولى من عمرها. ولكن من الجانب الإيجابي، تمتاز العديد من المشاريع الصغيرة بفرصة عالية من النجاح منقطع النظير خلال فترة قصيرة نسبياً. الفارق بين الفشل أو النجاح يكمن في رسم خطة عمل جيدة وواضحة للمشروع.

بالإضافة للتخطيط هناك عدة عناصر تساعد تقليل فرص فشل المشروع. معرفة هذه العناصر وإعتبارها كمحور رئيسي لتصاغ كافة أنشطة المشروع حولها مهم جداً، في هذا المقال سنستعرض أهم خمس عناصر:

التركيز على العملاء

إحدى نقاط التنافسية لدى الشركات من جميع الأحجام، إرضاء العملاء والمحافظة عليهم. وهنا تأتي نقطة قوة لدى الشركات الصغيرة، لكون قاعدة العملاء صغيرة، وغالباً يكون التعامل معها شخصي. فكلما كبرت الشركة كلما زادت المسافة بين العميل وصاحب القرار. وهذا أمر مختلف تماماً في الشركات الصغيرة. حيث يتمكن العميل بسهولة من التواصل مع صاحب الشركة الصغيرة أو الأشخاص المهمين، وربما تكوين علاقة صداقة معه.

الجودة

قد لا تتوفر لصاحب المشروع الصغير أحدث المعدات والأدوات التي تساعده على منافسة الشركات الضخمة، ولكننا عندما نتحدث عن المشاريع الصغيرة فإننا نذكر شغف المالك بمشروعه وما يمثله. بالتالي من المفترض أن تكون منتجاته وفق أعلى المواصفات وأحدثها. وكذلك من خلال العلاقة القوية التي يكونها مع العميل فإنه سيتمكن من معرفة تعريف العميل للجودة، وتنفيذ العمل وفقاً لذلك.

الثقة والمسؤولية

عندما يأتي التعامل مع الشركات الصغيرة، فإن أكثر ما يؤثر وقد يصرف العميل عن الإتفاق مع الشركة عنصر الثقة. لذلك من المهم أن تحرص على بناء الثقة، والتصرف بمسؤولية مع العملاء. فالخطأ الواحد قد يكلفك أكثر مما تتوقع. بطبيعة الأحوال الناس تميل لتصديق الأخطاء أكثر، وذلك لكوننا في الغالب تعرضنا للإستغلال، وصادفتنا حالات تصرفت فيها شركة بطمع أو أنانية تخدم مصالحها على حساب العميل. بناء الإسم والحصول على ثقة العملاء أمر يحتاج للكثير من الجهد والوقت، ومن المهم أن تبدأ ببناءه مبكراً.

الإبتكار

لا يمكننا الحديث عن ريادة الأعمال دون ذكر الإبتكار والتأكيد على أهميته للمشروع الصغير. في دورة حياة المشروع، يبدأ المشروع صغيراً، وتساعده العناصر السابقة على النمو والإزدهار. ولكنه سيصل إلى مرحلة سيكون على صاحب المشروع أما أن يبتكر ويطور المشروع ليواصل النمو ويزدهر أو يذبل ويموت. الزمن الذي نعيشه فيه، يضاعف من أهمية الإبتكار السريع والتجاوب مع تغيرات السوق واحتياجات العملاء. فكر في أي خدمة أو منتج موجود اليوم، وكيف غير الإنترنت والإتصالات من طريقة حصولنا عليه أو استخدامنا له.

التخصص

معظم المشاريع الصغيرة، تستخدم أسلوب التخصص والتركيز على شريحة محددة من السوق لحماية أنفسهم من المنافسة. هذا التخصص قد يكون بتقديم الخدمة لشريحة محددة من العملاء، أو نطاق جيوغرافي، أو المنتجات. وهذه آلية فعّالة، في حالة إختيار الشريحة الصحيحة. على النقيض التشتت ومحاولة إرضاء كل الناس أمر صعب وقد يكون على حساب نجاح مشروعك. التخصص أمر حساس ويجب دراسته جيداً، توسيع قائمة الخدمات سيشتتك ويضيع وقتك، وتحديد شريحة ضيقة يعني أن عدد العملاء المحتلمين قليل ولا يكفي لتغطية تكاليف مشروعك.

لماذا تمتلك مشروعاً؟

الدخول إلى عالم المشاريع الصغيرة وريادة الأعمال، خطوة جريئة ومصيرية في حياة من يرغب في دخل عالم الأعمال. ولأن القرار مصيري، لا ينبغي أن يؤخذ بتساهل، دون روية وتفكير جاد في مدى صحة القرار. خصوصاً وأنه قد يترتب عليه تغير شكل المستقبل، والخيار التي تتاح لك مستقبلاً. ولتسهيل عملية التفكير، لنأخذ الموضوع من جهتين الأولى، الدوافع التي تجعلك تترك المسار التقليدي من العمل في شركة وتأمين المستقبل (كما يقال)، ودخول بحر الأعمال. أما الجهة الأخرى فهي البحث في الحوافز التي تساعد معظم رواد الأعمال على متابعة السير رغم الصعوبات، للتأكيد عليها واستشفافها في عملك الخاص لتدفعك للإستمرار.

لماذا يترك الأشخاص العمل التقليدي؟

أهمية هذا السؤال تنبع من أنك بصدد الخروج من مسار والدخول في مسار جديد. مالم تعرف تحديداً السبب الذي جعلك تغير مسارك القديم، فإنك قد تدخل نفسك في مشروع لا يزودك بما كنت تطمح له. وعلى النقيض، معرفتك المبكرة بالأسباب الداعية لتغير مسارك، تساعدك على البحث وصياغة المسار الجديد بشكل يعطيك ماتبحث عنه. خصوصاً وأنك لا تزال حراً، والخيارات أمامك متنوعة. بشكل عام هناك ثلاثة أنواع رئيسية للباحثين عن دخول عالم الريادة، وهم:

  • المقلد: لديه أقرباء أو أصدقاء ممن يمتلكون أعمالهم الخاصة ويديرونها، من خلال معرفته استشف عن قرب طريقة إدارة أعمالهم وإدارتهم لحياتهم. ورأى في نظام حياتهم وعملهم ما أعجبه ويرغب في تطبيقه في حياته.
  • المكره: قد يكون هذا شخص عاطل عن العمل، أو لم يجد الوظيفة التي تتناسب ومؤهلاته. وبالتالي عوضاً عن العمل في وظيفة أقل من مستواه، فإنه يقوم بشراء أو تأسيس مشروع صغير ليعمل فيه.
  • اللاجئ من الوظيفة: شخص مل من بيروقراطية وسياسة المكاتب، ويبحث عن وظيفة تفتح أمامه الآفاق.

تلاحظ أن الأول قد يبحث عن الإستقلالية، والثاني عن إرضاء الذات، والثالث تحقيق الذات. بالطبع قد يكون ما تبحث عنه أحد الصفات أو كلها. ما يهم أن تعرف أيها ما يدفعك فعلاً لدخول عالم الريادة، وتتأكد من أن مشروعك سيغذيه لك. النقطة التالية ستتحدث عن الحوافز بالمزيد من التفصيل.

الحوافز التي يبحث عنها رائد الأعمال

معرفة السبب الدافع لدخول عالم الريادة مهم، وهو يقودنا للتفكير عن الحوافز التي تساعد على البدء في المشروع والإستمرار فيه. هناك أربع دوافع رئيسية:

  1. تحقيق الذات: وذلك من خلال عمل تغيير.
  2. إرضاء الذات: من خلال التحدي العقلي، الشهرة والإحترام.
  3. الاستقلالية: رئاسة الذات، إدارة المستقبل، المرونة في إدارة الوقت.
  4. العائد المالي: تكوين ثروة شخصية.

عن وضع خطة العمل للمشروع الجديد، يتوجب أن تتعرف أي هذه الحوافز يدفعك للعمل وبدء المشروع. والتأكد من أن مشروعك سيلبي احتياجك.

تعريف المشاريع الصغيرة وريادة الأعمال

حلم! هذه الكلمة قد تختصر تعريف مصطلح المشروع الصغير أو المتوسط (Small or Medium Enterprice – SME). نعم هو حلم، أحلم فيه أنا وأنت وهو، ولكن لسوء الحظ للكثير منّا يبقى هذا الحلم حلماً، ولا يولد للواقع. والقلة المحظوظة التي تنجح في بدء مشاريعها، لا يعني ذلك بالضرورة أنها تجاوزت مرحلة الخطر، فبدء المشروع تحدي يأتي بعده تحدٍ آخر وهو تنمية المشروع والمحافظة عليه.

لنأخذ بعض الإحصائيات من الولايات المتحدة الأمريكية (م١):

  • من الجانب المشرق:
    • يبلغ عدد المشاريع الصغيرة حوالي ٣٠ مليون مشروع.
    • توظف هذه المشاريع أكثر من نصف العمالة في القطاع الخاص.
    • تصدر أكثر من ٩٧٪ من إجمالي الصادرات.
  • أما الجانب المظلم:
    • يفتتح سنوياً ما معدله ٦٣٠ ألف مؤسسة صغيرة.
    • يقفل سنوياً ما معدله ٥٩٠ ألف مؤسسة صغيرة.
    • يفلس سنوياً ما معدله ٤٤ ألف مؤسسة صغيرة.
    • ٣ من كل ١٠ مؤسسات صغيرة تقفل قبل مرور سنتين على إفتتاحها، و ٥ من كل ١٠ تقفل قبل مرور خمس سنوات.

قد تكون هذه الإحصائيات محبطة لحد ما، ولكن المقصد من طرح هذه البيانات التأكيد على أن معرفة الصانع لأسرار الصنعة لا تعني نجاح المشروع. فهناك عناصر كثيرة: كالتسويق، تخفيض التكاليف، زيادة الإنتاجية، وتحسين الأداء المالي. جميعها في الغالب لن تكون ضمن المهارات التي يتقنها صاحب المشروع المبتدئ. هذا الموقع سيستكشف معك هذه المهارات وسيساعدك على إتقان ما يعينك على البدء بمشروعك وإنجاحه.

ما المقصود بالمشروع الصغير؟

لتوحيد المعنى عند الحديث عن المشاريع الصغيرة، فإنه قد يكون من المهم وضع تعريف موحد نتفق عليه. في البداية، يختلف التعريف القانوني للمشروع الصغير من دولة لأخرى. ولكن في الغالب يتم الإعتماد على عدد الموظفين لتصنيف المؤسسة. ففي الولايات المتحدة الأمريكية تعتبر المؤسسة صغيرة لو كان عدد موظفينها <٢٥٠ ومتوسطة لو كانوا <٥٠٠، وأستراليا الصغيرة <١٥ والمتوسطة <٢٠٠، أما أوروبا فالصغيرة <٥٠ والمتوسطة <٢٥٠ (م٢).

تختلف المشاريع الصغيرة من حيث قابليتها للنمو، فهناك مشاريع صغيرة ذات أفكار مميزة وقابلة للتوسع بشكل سريع، ولكنها تفتقد لبعض العناصر المساعدة على النمو، كالتمويل، الإدارة، أو الخبرة. ومتى ما توفر لها ذلك العنصر فإن مدخولاتها تتضاعف بشكل متسارع، مما يجعلها بيئة جاذبة للمستثمرين.

على الرغم من عدم وجود تعريف عالمي موحد للمشاريع الصغيرة إلا أنه بالإمكان أن نضع التعريف المبسط التالي:

المشروع الصغير هو مشروع لديه قابلية للنمو، ويعتبر صغيراً مقارنة بغيره من الشركات في ذات السوق. عملياته محدودة ضمن نطاق جغرافي صغير. ممول من قبل عدد بسيط من الأفراد. ويدار من قبل فريق صغير وغالباً ما يشارك أعضاء هذا الفريق في المهام التشغيلية.

المشاريع الصغيرة وريادة الأعمال

يتم استخدام مصطلح المشاريع الصغيرة والمتوسطة (Small & Medium Enterprices – SMEs) ومصطلح ريادة الأعمال (Entrepreneurship) بشكل تبادل، وكأنهم يدلون على ذات الشيء. بالطبع هناك تداخل ولكن ليس كل المشاريع الصغيرة رائدة، وليس كل المشاريع الرائدة صغيرة. سبق لنا تعريف المشاريع الصغيرة، وهذا تعريف المشاريع الرائدة:

المشاريع الرائدة هي المشاريع التي تقدم شيئاً أفضل وبشكل مختلف، ويصاحب تقديم هذا الشيء المختلف خطورة عالية بعدم نجاح الفكرة وتقبل أو استيعاب العملاء لها. يصاحب هذه الخطورة العالية عائد عالي، سواء على هيئة أرباح عالية، أو تغيير قواعد اللعبة والسوق للأبد.

ولتوضيح أن المشاريع الصغيرة ليست دائماً رائدة وكذلك المشاريع الرائدة ليست صغيرة، لنأخذ الأمثلة التالية:

  1. مغسلة ملابس في الشارع المجاور: على الرغم من كون صاحب المشروع وضع جهد إضافي في الديكورات وتصاميم الورقيات لإعطاء صبغة الحداثة لمغسلته، إلا أنها ستبقى مشروع صغير فقط. فالخدمة التي تقدمها المغسلة لا تختلف كثيراً عن المغسلة المجاورة.
  2. خياط لومار: عندما بدأ الزوجين لؤي ومنى مشوارهم مع لومار من البيت، لخدمة ٢٠٠ عميل، فهم ولاشك يمثلون مؤسسة صغيرة. كان ولازال “إعادة تعريفهم” للملابس الرجالية التقليدية مثير للحديث. هناك من تقبل المنتج وهناك من لم يتقبله. ولكن توسعهم على مستوى الخليج يوحي بأنهم نجحوا في مهمتهم لحد كبير.
  3. شركة أبل: عندما قدم ستيف جوبز الأيبود (iPod) و الأيفون (iPhone)، كان ذلك تجسيد لمفهوم الريادة في مجال التقنية. وهو عندما قدم تلك التقنيات كان يمثل أبل تلك الشركة الضخمة، والتي ليست حتى قريبة من تعريف الشركات الصغيرة والمتوسطة.

وفي كل الأحوال، الشركة الرائدة لا تعني بالضرورة أنها ناجحة وتحقق لمالكها الأرباح. والشركة الصغيرة لاتعني أنها ستبقى صغيرة ولن تحقق الأرباح.


المصادر:

١) دليل تدريب مستشار المشاريع الصغيرة المعتمد. AASBC, 2014. Training Manual SEMP approach.

٢) موقع ويكيبيديا.